باشرت مديرية المؤسسات المحلية التابعة للمديرية العامة للجماعات الترابية، عبر قسم المنازعات، تحقيقات إدارية معمقة بخصوص امتناع عدد من الجماعات الترابية عن تنفيذ أحكام قضائية نهائية صادرة ضدها، رغم توفرها على الاعتمادات المالية الكافية.
وأفادت مصادر مطلعة بأن المعطيات التي توصلت بها المصالح المركزية تشير إلى وجود شبهات فساد وابتزاز مالي، حيث يُتهم بعض رؤساء الجماعات والمنتخبين باشتراط عمولات ورشاوى على مقاولين وأصحاب عقارات مقابل تنفيذ تلك الأحكام. وذهبت المصادر حد التنبيه إلى احتمال توقيف بعض المسؤولين المعنيين ومتابعتهم قضائياً.
التحقيقات التي اعتمدت على شكايات مباشرة من متضررين، أماطت اللثام عن رفض عدد من رؤساء الجماعات صرف مستحقات مقاولين ومكاتب دراسات، وأشخاص صدرت لفائدتهم أحكام بعد انتزاع أراضيهم للمنفعة العامة. هذا الرفض تم دون مبررات قانونية، رغم توفر هذه الجماعات على اعتمادات مالية مرصودة سنوياً كان بالإمكان استخدامها لتسوية الديون.
وتوصلت التحقيقات كذلك إلى وجود اختلالات في تدبير مناصب الشؤون القانونية داخل الجماعات، وهي اختلالات يُرجح أنها سهلت تمرير أحكام قضائية بمبالغ مالية كبيرة لفائدة بعض المستثمرين والمنعشين العقاريين، إما بسبب ضعف الدفاع أو سوء التعاقد مع محامين غير مؤهلين.
كما كشفت المصادر عن لجوء عدد من المقاولين المتضررين إلى القضاء، حيث حصلوا على أحكام نهائية ضد الجماعات، لكنها لم تُنفذ بسبب ما وصفته مصادر الجريدة بـ”الابتزاز المفضوح”، حيث يطالب بعض المسؤولين المحليين برشاوى مقابل توقيع حوالات صرف مستحقات تلك الصفقات.
وفي سياق متصل، امتدت التحقيقات الجارية إلى فحص العقود المبرمة بين الجماعات ومحامين، ورصد امتناع بعض المجالس الجماعية عن تقديم مطالب مدنية في قضايا يتورط فيها رؤساء ومستشارون، وهو ما يطرح علامات استفهام حول النية في حماية المصالح العامة.
وتنص المادة 263 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات على أن رئيس المجلس الجماعي يمثل الجماعة أمام القضاء دون حاجة لمداولات المجلس، كما يمكنه التعاقد مع محامين وفق مقتضيات مرسوم الصفقات العمومية، بشرط ألا يكون طرفاً مباشراً أو غير مباشر في النزاع.
ورغم توجيهات سابقة صادرة عن الولاة والعمال تدعو إلى تحيين الاتفاقيات مع المحامين والتعاقد مع الأكفاء منهم لحماية الجماعات من الخسائر القضائية، إلا أن عدداً من رؤساء الجماعات لم يلتزموا بها، ما ساهم في تفاقم التعويضات المالية التي تُثقل كاهل الميزانيات المحلية وتعيق تنفيذ المشاريع التنموية.