لدغات الأفاعي تفتك بسكان وزان وسط غياب الأمصال وتأخر التدخلات الصحية

Admin Admin28 يونيو 2025Last Update :
لدغات الأفاعي تفتك بسكان وزان وسط غياب الأمصال وتأخر التدخلات الصحية

شهد إقليم وزان خلال شهر يونيو الجاري فاجعتين متتاليتين أودتا بحياة رجلين مسنين نتيجة لدغات أفاعٍ، في مشهد يعيد إلى الواجهة هشاشة المنظومة الصحية بالمناطق الجبلية والنائية، ويطرح تساؤلات حادة حول جاهزية التدخلات الطبية لمواجهة هذا الخطر الموسمي.

الحادثة الأولى وقعت بجماعة بوقرة، حيث فارق سبعيني الحياة متأثرا بسم أفعى، تلتها وفاة أخرى يوم الأربعاء الماضي بدوار اسفالو التابع لجماعة زومي، في سيناريو يتكرر بصمت، في ظل غياب الأمصال بالمراكز الصحية المحلية، رغم تطمينات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.

ورغم تأكيد الوزارة على توزيع الأمصال والمواد الطبية الضرورية بالمناطق المعروفة بانتشار العقارب والثعابين، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن خصاص مقلق، وهو ما أكده محمد العطافي، فاعل حقوقي بالإقليم، في تصريحه لهسبريس، قائلاً إن جماعات مثل بوقرة وزومي تشكل بيئة خصبة للزواحف السامة، بفعل التضاريس الوعرة والغابات الكثيفة، خصوصاً خلال فصل الصيف.

وأوضح العطافي أن هذه الوفيات ليست سوى “نزيف صامت” يهدد حياة سكان الدواوير النائية، في ظل غياب مستلزمات العلاج وافتقار المستوصفات إلى التجهيزات الضرورية، مؤكداً أن حياة المواطن البسيط لا يمكن أن تظل رهينة لخطر الأفاعي دون تدخل حاسم من الجهات الوصية.

ودعا العطافي إلى إدراج إقليم وزان ضمن المناطق ذات الأولوية في التزود بالأمصال، مطالباً بإطلاق حملات تحسيسية مكثفة، وتوفير الأطر الطبية المؤهلة، وتفعيل خطة استباقية للوقاية من التسممات الناتجة عن الزواحف السامة.

معطيات رسمية وتحديات قائمة

تشير معطيات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى تسجيل أكثر من 25 ألف حالة تسمم نتيجة لسعات العقارب سنوياً، إضافة إلى ما بين 400 و500 حالة لدغات أفاعٍ، غالبها يُسجل في المناطق القروية خلال أشهر الصيف.

وفي محاولة للحد من هذه الظاهرة، قامت المصالح الرسمية، عبر المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، بتزويد المستشفيات الجهوية والإقليمية بحقائب الأمصال قبل حلول الصيف. وأدت هذه الجهود إلى خفض نسبة الوفيات الناتجة عن لسعات العقارب من 2.37% سنة 1999 إلى 0.14% حالياً، إلى جانب تراجع حالات الوفاة بسبب لدغات الأفاعي.

ورغم ذلك، لا تزال الوزارة تستورد الأمصال المضادة لسموم الأفاعي من الخارج، بينما يتم تصنيع الأمصال المضادة للعقارب محلياً.

وأكدت غزلان العوفير، طبيبة مختصة في التسممات بالمركز المغربي لمحاربة التسمم، أن هذه الأمصال متوفرة بالمستشفيات الجهوية، مشيرة إلى أن المرضى يُنقلون إليها فور تسجيل الحالات، نظراً لإمكانية ظهور أعراض جانبية تتطلب رعاية طبية مركزة.

توصيات وقائية للمواطنين

وفي جانب التوعية، شددت وزارة الصحة على مجموعة من التدابير لتفادي التعرض للدغات الأفاعي ولسعات العقارب، منها:

تجنب إدخال الأيدي في الحفر أو الجلوس في المناطق المعشوشبة والصخرية.

ارتداء ملابس وأحذية واقية خلال التنقل.

عدم جمع الحطب أو المشي في المناطق المشبوهة ليلاً.

كما أوصت الوزارة بإزالة الأعشاب المحيطة بالمنازل، وإغلاق الثقوب الموجودة في الجدران، وتبليط الأسطح لمنع تسلق الزواحف إلى داخل البيوت. ودعت إلى تخزين الأخشاب والمتلاشيات في أماكن آمنة.

وفي حال التعرض للدغة، شددت الوزارة على أهمية نقل المصاب فوراً إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي، محذرة من استعمال الطرق التقليدية في العلاج كربط الطرف المصاب أو الكي أو مص السم، لما لها من آثار جانبية خطيرة.

تكرار حالات الوفاة بسبب لدغات الأفاعي في إقليم وزان يبرز الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة لمنظومة الصحة القروية، وإقرار سياسة صحية تراعي خصوصية المناطق الجبلية والنائية. فالمأساة ليست مجرد أرقام، بل أرواح تُزهق بصمت في انتظار تدخل طال انتظاره.

 

Comments

Sorry Comments are closed

Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
    Breaking News