لم تكن المسيرة السلمية التي خرجت بها ساكنة آيت بوكماز، الواقعة بين تضاريس الأطلس الكبير بإقليم أزيلال، مجرد احتجاج محلي عابر، بل تحولت إلى شرارة أطلقت نقاشًا وطنيًا واسعًا حول واقع التعمير في المناطق القروية والجبلية بالمغرب، وامتد صداها إلى الجنوب الشرقي، خاصة إقليم تنغير، حيث تتشابه المعاناة وتتوحد المطالب.
رُخص في غياب البنية التحتية
المحتجون، الذين شملوا مختلف الفئات العمرية، وجهوا رسالة واضحة للسلطات مفادها أن فرض رخص وتصاميم معمارية صارمة ومكلفة في قرى تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ليس فقط غير منطقي، بل يُعدّ شكلاً من أشكال الإقصاء.
“كيف يُطلب منا مخطط هندسي لبيت في منطقة لا ماء فيها ولا صرف صحي ولا طريق معبد؟”، يتساءل أحد أبناء دوار أمسمرير بتنغير، معبرًا عن غضب مشترك في هذه المناطق المهمشة.
روح سلمية أطلقت شرارة التضامن
الطابع السلمي والمنظم لمسيرة آيت بوكماز ألهم العديد من القرى الجبلية، واعتُبر نموذجًا ناجحًا في الضغط المدني من أجل العدالة المجالية. فالمطالب لم تكن رفضًا للتنظيم، بل دعوة لإعادة ترتيب الأولويات: التنمية قبل التعمير.
مطلب جماعي: “لا تعمير دون تجهيز”
أهالي الجنوب الشرقي، خاصة في أوزيغيمت وتوابعه، عبّروا عن دعمهم التام لهذا الحراك، مؤكدين أن الواقع التنموي في قراهم لا يسمح بتطبيق قوانين حضرية بحذافيرها.
“لسنا ضد القانون، نحن ضد الظلم”، يقول أحد المتحدثين، مضيفًا: “نُطالب بإلغاء رخص البناء إلى حين تجهيز القرى بالماء والطرق والصرف الصحي. بعد ذلك، يمكن الحديث عن التصاميم كما تشاء الدولة”.
صدى في الإدارة الترابية
من جهة أخرى، عبّر مسؤول ترابي بجهة درعة-تافيلالت، في تصريح غير رسمي، عن تفهمه الكامل لمطالب الساكنة، مشيرًا إلى التناقض الصارخ بين النصوص القانونية والوضع الميداني. وأكد أن مثل هذه المسيرات السلمية تساهم في تسريع وعي السلطات المركزية بضرورة مراجعة شروط التعمير القروي، بما يتلاءم مع واقع المناطق الجبلية.
قضية وطنية بأبعاد تنموية
تحولت قضية آيت بوكماز من احتجاج محلي إلى ملف يُحرج السياسات العمومية، ويضع وزارة الداخلية أمام مطلب مركزي: “أوقفوا رخص البناء إلى حين استكمال البنية التحتية الأساسية”.
واختُتمت الرسالة الشعبية الموجهة من سكان الجبال بكلمات بسيطة تحمل عمقًا كبيرًا: نريد أن نعيش بكرامة، لا أن نخضع لقوانين لا تراعي واقعنا.




Sorry Comments are closed