تقارير المجالس الجهوية تفضح تضارب مصالح وابتزاز انتخابي داخل جماعات محلية

كشفت مصادر موثوقة لـ”لوموند24″ عن معطيات مثيرة وردت ضمن تقارير صادرة عن لجان تابعة للمجالس الجهوية للحسابات، التي قامت بزيارات تفتيش لعدد من الجماعات الترابية في جهات مختلفة، في مقدمتها جهة الدار البيضاء – سطات، حيث وقفت على شبهات فساد تحيط بتدبير ملف النقل المدرسي، خصوصا في ما يتعلق بتوزيع الدعم على جمعيات يشتبه في ارتباطها بمنتخبين محليين.

التقارير أظهرت، وفق نفس المصادر، وجود مؤشرات قوية على اعتماد منطق “تبادل المصالح” في منح الدعم، وهو ما تسبب في توترات داخل عدد من المجالس الجماعية، وأدى إلى اتهامات بابتزاز جمعيات ومحاولات توريطها في صراعات سياسية وانتخابية مبكرة.

ووفق ما أكدته المصادر، فقد أورد قضاة المجالس الجهوية ملاحظات حول استفادة بعض الجمعيات من دعم مالي دون احترام الشفافية والعدالة، خاصة في ما يخص النقل المدرسي الذي تموله الجماعات الترابية من خلال ميزانياتها أو عبر شراكات مع المجالس الإقليمية، مشيرين إلى شكايات من جمعيات رفضت الانخراط في حسابات انتخابية مشبوهة، وكشفت عن خروقات تتعلق باستغلال الدعم العمومي لأغراض شخصية أو سياسية.

وذهبت نفس المصادر إلى أن بعض الجمعيات قدمت معطيات دقيقة للجان التفتيش حول “تجارة خفية” فيما يشبه مأذونيات مُقنّعة، واستغلال الدعم لشراء الولاءات أو مكافأة المقربين، في غياب أي اعتبار للضوابط القانونية، خاصة تلك المتعلقة بتضارب المصالح.

كما أظهرت التقارير أن صراعات حادة نشبت بين أعضاء داخل المجالس الجماعية خلال التصويت على منح الجمعيات، حيث تم تسجيل حالات ربط تمرير ميزانية جمعية ما بموافقة مسبقة على دعم جمعيات أخرى تابعة لأعضاء من نفس المجلس، ما يعكس تفشي منطق “المقايضة” بدل التقييم الموضوعي لحاجيات الساكنة.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر “لوموند24” أن عددا من الجمعيات تضررت من هذه الممارسات، ورفعت شكايات إلى وزارة الداخلية والمجالس الجهوية، متهمة بعض المنتخبين بابتزازها والانتقام منها بعد رفضها الاصطفاف مع جهات سياسية معينة. وتم تسجيل حالات واضحة في جماعتين تابعتين لإقليمي برشيد وبنسليمان، حيث توصلت السلطات الإقليمية بتقارير عن خروقات جسيمة طالت اتفاقيات النقل المدرسي.

وبحسب المعطيات، فإن وزارة الداخلية بصدد إعداد لائحة لمنتخبين سيجري إشعارهم قريبا بوجود خروقات تمس مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي 113.14، التي تنظم حالات تضارب المصالح داخل الجماعات، تمهيدا لاتخاذ قرارات تأديبية قد تصل إلى العزل. من بين أبرز هذه الحالات، ما سجل بجماعة الدروة بإقليم برشيد، حيث استفادت زوجة مستشار جماعي من اتفاقية شراكة بصفتها أمينة مال لجمعية تترأسها شقيقتها، مع استغلالهما في الوقت نفسه لمرفق جماعي ضمن مشروع تنموي بالمنطقة.

وأضافت المصادر أن الضغوط المتزايدة دفعت بعض الجمعيات إلى تعليق خدمات النقل المدرسي، بعد إدراج الجماعات لنقاط تتعلق بفسخ الشراكات ضمن جداول أعمال دورات استثنائية، وحرمانها من المنح التي تمثل المورد الأساسي لاستمرارية نشاطها.

ورغم تسجيل تجاوزات كبيرة في تدبير هذا القطاع، أكدت ملاحظات قضاة الحسابات وجود إجماع داخل بعض المجالس على التمسك ببرامج النقل المدرسي، نظرا لدورها الحيوي في محاربة الهدر المدرسي، خصوصا في المناطق القروية، إلا أن سوء التسيير وتضارب المصالح يهددان مصداقية هذا الجهد الاجتماعي .